شروط الحج في الإسلام كما بيّنها العلماء

تمهيد

الحجّ أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة عظيمة أمر الله بها المسلمين القادرين. قال تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» (سورة آل عمران: 97).
ولكي يكون الحجّ واجباً على المسلم كان لزاماً أن تتوفَّر فيه شروط معيّنة — حددها العلماء قبل أن يسلك المسلم طريقه إلى بيت الله الحرام — ثم هناك شروط لصحة أداء الحج بعد وجوبه، وأركانٌ وواجباتٌ أيضاً. في هذه المدوّنة سنركّز على شروط وجوب الحجّ وما يلزم أن تكون عليه الحالة حتى يقع عليه هذا الركن، مع الإشارة المختصرة لشروط الصحة أيضاً، وليس الأركان والمناسك ـ وسأقدّمها لاحقاً إذا رغبت.

---

شروط وجوب الحجّ

هذه الشروط هي ما اتّفق عليه جمهور الفقهاء بأنّها تُحكّم فيما إذا فُرض الحجّ على الإنسان أم لا. وهي غالباً خمسة أو ستّة بحسب بعض التفصيلات، وهي:

1. الإسلام
   فلا يجب الحجّ على غير المسلم، لأن الحجّ عبادة شرعيّة خالصة للمسلم. Islam-QA+3Islam-QA+3azhar.eg+3

2. العقل
   أي أن يكون المكلف بالغًا عاقلاً، ليس مجنونًا أو فاقدًا للتمييز. عن النبي ﷺ: «رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ: عن النائمِ حتى يستيقظ، وعن الصبيِّ حتى يحتلم، وعن المجنُونِ حتى يعقل». Islam-QA+1

3. البلوغ
   أن يكون بالغاً، بمعنى أنه بلغ سن التكليف، لأن الحجّ فرض على المكلفين بالغين. (ولو حجّ الصبي فإنّ الحجّ لا يسقط عنه عند بعض العلماء) إسلام ويب+1

4. الحرية
   أي أن يكون حُرّاً، وليس مملوكاً، لأنّ العبد المملوك لا يُكلّف بنفسه بنفس درجة المكلف الحرّ. الألوكة+1

5. الاستطاعة
   وهي القدرة على أداء الحجّ من حيث المال والبدن والوسيلة وسلامة الطريق، إذ لم يجعل الله على الإنسان في الدين حرجًا. قال تعالى: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ». المصري اليوم+2Islam-QA+2

   • الاستطاعة المالية: أن يكون عنده ما يكفيه ونفقة الحجّ دون أن يخلّ بأعباء الأسرة أو دين لا يستطيع دفعه. Islam-QA

   • الاستطاعة البدنية: أن يكون قادرًا بدنياً على السفر وأداء المناسك أو أن ينيب عنه من يحجّ عنه إن عاجز. المصري اليوم

   • سلامة الطريق: من الأمور التي ذُكرت في علم الفقه أنّ سكة الطريق إلى مكة يجب أن تكون آمنة إلى حدٍّ معقول حتى يُعدّ الحجّ واجبًا. الألوكة

ملخّص بصيغة:

الحجّ يجب على كل مسلم بالغٍ عاقلٍ حرٍّ مستطيعٍ مالياً وبدنياً، من استطاع إليه سبيلاً.

إذا لم تتوفّر هذه الشروط فالحجّ لا يُعدّ فرضاً عليه في تلك الحال — وإن حجّ فهو حسنٌ وقد يُجزئه عن فرضه أو لا يُجزئ حسب الحالة والمذهب الفقهي.

---

شروط صحة الحجّ

إلى جانب شروط الوجوب، هناك شروط تُعدّ لازمة لصحة الحجّ إذا أراد الإنسان أن يكون حجه مقبولاً أو صحيحاً. من أبرز هذه الشروط:

• الإسلام (كشروط الوجوب)؛ فلا يصحّ حج الكافر. إسلام ويب

• الوقت الشرعي للحجّ: وهي أشهر الحجّ (شوال، وذو القعدة، وذو الحجة) ويُشترط أن يُحرِم المُكلّف في وقت الحجّ ليصح. صدى البلد+1

• النية – أن ينوي المُكلّف الحجّ عند الإحرام – (هذا شرط داخلي عام في العبادات).

• كذلك هناك أن يكون الإحرام من الميقات والبدء في المناسك وأداء الأركان والواجبات عدم الإخلال بالمحظورات، لكن سنفرد هذا الموضوع لتفصيل لاحق إن أحببت.

---

لماذا هذه الشروط؟

• لأن الحجّ عبادة جسيمة، والشرع يربطها بقدرة الإنسان ليكون المكلف قادرًا ومتهيئًا للقيام بواجباته، وليس مكلّفًا فيما لا يستطيع.

• هذه الشروط تحقّق عدلَ التكليف: فلا يُكلّف الله نفسًا إلا ما استطاعت.

• كذلك توفّر وضوحًا للمسلم قبل أن يخوض في هذا النسك العظيم بأنّه يستوفي ما يشترط حتى لا يكون الحَجّ ناقصًا من جهة الوجوب أو الصحّة.

---

ملاحظات فقهية مهمة

• وجودها لا يعني تلقائيًا قبُول الحجّ، بل إنّ القبول أيضًا متعلق بالإخلاص والإيمان، وكذلك بعدم المحظورات والتحلّل الشرعي.

• المرأة لها شروط إضافية لدى بعض المذاهب: مثل وجود محرم معيّن أو رفقة مأمونة، أو ألا تكون معتدّة، لكن هذه تُعد من التفاصيل التي تختلف بين المذاهب. Twinkl

• في حالة عدم الاستطاعة، فإنّ الحجّ لا يقع عليه وجوب، فالفقهاء ذهبوا إلى أن من لا يملك المال أو البدن أو الطريق المُعقّدة فليس عليه الحجّ. الألوكة+1

• إذا توفّرت القدرة المالية لكن البدن عاجز، فالأفضل أن ينوب عنه من يستطيع – وهذا محلّ اختلاف فقهي أيضًا. المصري اليوم