أركان الحج الأربعة كما وردت في السنة النبوية

الحجّ هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد فرضه الله تعالى على المستطيعين إليه سبيلاً، قال سبحانه:

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].

وقد بيّن النبي ﷺ أركان الحج قولًا وفعلًا في حجّة الوداع، فكانت منهجًا للأمّة من بعده.
واتفق جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة على أن للحج أربعة أركان لا يصح النسك بدونها، وهي: الإحرام – الوقوف بعرفة – طواف الإفاضة – السعي بين الصفا والمروة.

---

1. الإحرام 🕌

تعريفه:
هو نية الدخول في النسك (الحج أو العمرة) مقترنة بالتلبية، ولا يُشترط له لبس الإزار والرداء فقط، بل هو عمل قلبي قبل كل شيء.

الدليل من السنة:
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:

«تأتيني الليلة وفد من ربي من أهل اليمن، ألين قلوباً، وأرق أفئدة، الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية، ورأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم» (رواه مسلم).
وفي هذا الحديث بيان فضل الإخلاص في النية، وهو أساس الإحرام.

شرح الركن:

• الإحرام شرط لبداية الحج، فلا ينعقد النسك بدونه.

• يبدأ من الميقات المكاني المحدد لكل جهة.

• يسنّ الاغتسال ولبس الإزار والرداء قبل التلبية.

• يقول الحاج: “لبيك اللهم حجًّا” أو “لبيك عمرة” حسب نيّته.

---

2. الوقوف بعرفة 🌄

تعريفه:
هو الوجود بعرفة في أيّ وقت من يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر يوم النحر، ولو لحظة واحدة.

الدليل من السنة:
روى الترمذي وأبو داود عن عبد الرحمن بن يعمر رضي الله عنه قال:

«أمر ناسًا من أهل نجد، فسألوا رسول الله ﷺ عن الحج، فقال: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج».

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«أن النبي ﷺ وقف بعرفة وقال: خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا».

شرح الركن:

• الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم من أركان الحج، حتى قال النبي ﷺ: «الحج عرفة».

• من فاته الوقوف، فاته الحج وعليه أن يتحلل بعمرة ويقضيه في العام المقبل.

• يسنّ الإكثار من الدعاء والتكبير والتهليل؛ فذلك يوم يغفر الله فيه الذنوب ويباهي بأهل الموقف ملائكته.

---

3. طواف الإفاضة 🕋

تعريفه:
هو الطواف حول الكعبة سبعة أشواط بعد الوقوف بعرفة ورمي جمرة العقبة والنحر، وهو من أركان الحج العظمى.

الدليل من السنة:
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«حلّ الناس كلهم يوم النحر إلا النبي ﷺ ومن كان معه من أهل الهدي، فلما طافوا طواف الإفاضة حلّوا».

وفي حديث جابر الطويل في وصف حجّة الوداع قال:

«ثم أفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، ثم أتى زمزم فشرب منها» (رواه مسلم).

شرح الركن:

• لا يصحّ التحلل الكامل إلا بعد أداء طواف الإفاضة.

• يجب أن يكون بعد منتصف ليلة النحر.

• يُستحبّ فيه الطهارة والاضطباع والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى.

• من تركه لم يتم حجه حتى يطوف بالبيت.

---

4. السعي بين الصفا والمروة 🏃‍♂️

تعريفه:
هو المشي سبعة أشواط بين جبلي الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة، ابتداءً بالصفا وختامًا بالمروة.

الدليل من السنة:
قال تعالى:

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].

وعن حبيبة بنت أبي تجراة رضي الله عنها قالت:

«رأيت رسول الله ﷺ يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول: لا نُرَدُّ إلا وقد غُفر لنا إن شاء الله» (رواه ابن ماجه).

وفي حديث جابر رضي الله عنه في وصف حج النبي ﷺ قال:

«ثم خرج إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، فقال: أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا» (رواه مسلم).

شرح الركن:

• السعي شكرٌ لله على نجاة إسماعيل وأمّه هاجر عليهما السلام.

• يُسنّ الإسراع بين العلمين الأخضرين للرجال.

• يشترط الترتيب بعد الطواف، فمن سعى قبل الطواف لم يصحّ سعيه.

• لا يشترط الطهارة في السعي عند جمهور العلماء.

---

📘 خلاصة الأركان الأربعة

الركن	معناه	دليله من السنة	ملاحظات فقهية
الإحرام	نية الدخول في النسك	حديث: "إنما الأعمال بالنيات"	لا يصح الحج بدونه
الوقوف بعرفة	الحضور بعرفة زمنه المحدد	"الحج عرفة"	الركن الأعظم
طواف الإفاضة	الطواف بالبيت بعد عرفة	حديث عائشة "حلّ الناس كلهم..."	لا يتم التحلل إلا بعده
السعي بين الصفا والمروة	المشي بين الجبلين 7 أشواط	حديث جابر "أبدأ بما بدأ الله به"	بعد الطواف مباشرة

---

🌟 فضائل العمل بهذه الأركان

• اتباع هدي النبي ﷺ بدقة، وهو القائل: «خذوا عني مناسككم» (رواه مسلم).

• نيل المغفرة التامة كما في الحديث:

  «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (رواه البخاري ومسلم).

• تجديد العهد مع الله وتطهير القلب من الذنوب.